رضوى راضى تكتب: كيف يكون المرض النفسي أخطر من المرض العضوى؟

[ad_1]

this is aad

لطالما كنت مُنتقدة لبعض المعتقدات وأنماط التفكير التى ينساق ورائها جيلى، جيل النصف الأخير من التسعينات وأوائل الألفية الجديدة، ولكن إحقاقًا للحق لم أشهد جيلاً واعيًا بأهمية توفير بيئة نفسية سوية وصحية له ولمن حوله مثل هذا الجيل بالتحديد. لمست هذا منذ سنوات قليلة من خلال مناقشات جادة على منصات التواصل الاجتماعى واستشارات مطروحة عن طبيب أو أخصائى نفسى ذو ثقة فى المدينة أو حتى من خلال العديد من الـ”الماميز” التى تتناول مواقف دارجة عن الذهاب للطبيب النفسي. هذا إلى حد كبير يفتقده الأغلبية العظمى من الأجيال السابقة حيث إن فكرة الاعتماد على أخصائى نفسى تندرج تحت ثلاث بنود فقط لا غير.. البند الأول “إلى معاه قرش محيره يروح لثيرابيست يطيره”.. البند الثانى “مفيش حاجة اسمها مرض نفسى أصلاً كله جوا دماغك”.. البند الثالث والأكثر شيوعاً “مكتئب ليه يا حمادة مش لسة واكل فراخ على الغدا؟”. 

إذا أفترضنا أن “حمادة” السابق ذكره مريض بالاكتئاب، وهذا لا يقل من شأن حمادة اى شئ (وجب التأكيد)، و بدأ الإكتئاب بالتأثير على جميع جوانب حياته منها إهماله لنظامه الغذائى إلى أن أصبح “معدوم العافية”، وإنحدار مؤشر انتاجيته فى وظيفته مما أدى إلى طرده من الوظيفة وجلوسه بجانب السيدة والدته، ناهيك عن اضمحلال علاقاته الإجتماعية وميله للإنعزال مما أدى إلى خسارته للتلاتة أربعة أصدقائه فأصبح حمادة معدوم العافية.. وعواطلي.. وبلا حبيب ولا صديق وكلب ماكو ما عنده..  هذا ما يجعل المرض النفسى لا يقل خطورة بل يكون فى بعض الأحيان أخطر من المرض العضوى وفقًا لدراسات كثيرة ولرأيى الشخصي. و بالمناسبة أنا لست دارسة لعلم النفس أو للطب النفسى ولكننى أكتب هذه الكلمات كما لو أننى أنثى الحمادة. لذلك أنا لن أطرح حلولاً و لكننى أطرح جانب مهم من حياتنا يغفل عنه الكثيرون. 

كيف يكون المرض النفسى أخطر من المرض العضوى؟

المخ البشرى هو أكثر عضو معقد فى جسم الانسان.. حدث به خلل، ما هى العواقب؟ فى ضوء هذا السؤال، قال بوفيسور “سيمون لاغلين” من جامعة كامبريدج إن مخ الانسان يستهلك 20% من طاقة جسمه خلال عمليات نقل للمعلومات عن طريق إشارات الكترونية بدون الـ 20% لن توجد طاقة كافية لتشغيل الدماغ والحفاظ على الإتصال بين نقاط الاشتباك العصبى والروابط الكيميائية التى تساعد فى التفكير. وهذا ما يشرح سبب الصعوبة فى التفكير عندما لا تحصل على قسط كافى من النوم أو الطعام. المثير..أن كل إنسان لديه عدد اتصالات داخل دماغه أكثر من عدد نجوم مجرتنا. واو!

 فالنفترض أن الدماغ هى طريق سريع و طويل، والاتصالات العصبية داخله هى شبكة الحارات والكبارى، فجأة يتعرض الدماغ لخلل أو مرض و هو ما يمثله تعرض الطريق لحادث مما يؤدى لحدوث شلل فى حركة المرور أو الإغلاق الكلى للطريق ومداخله، تصبح أنت عالقًا و تختفى من أمامك جميع سُبل النجاة. لا يمكينك التفكير بشكل منطقى ولا يمكنك التفكير على المدى البعيد مما يجعلك عالق أكثر فأكثر وبحاجة للمساعدة. من حسن حظنا أن الأزمات المرورية لها أسباب يمكن حلها مثل وضع ردارات سرعة تقلل من فرص وقوع الحوادث. تمامًا مثل أزمة الأمراض النفسية، لها أسباب بيولوجية يمكن تتبعها و علاجها. فأنت لست مضطرَا للتعايش مع الألم والبؤس والمعاناة بمفردك وبدون مساعدة لأنك يمكن أن تكون غير قادر على تتبع أسباب الخلل وإصلاحه بمفردك. كل أصابة فى الجسم سواء خارجية أو داخلية تنطوى على انهياره. و كلها مروعة بطريقتها الخاصة. 

لذلك.. مثيرة للإهتمام فكرة أن هناك خيط مشترك بين كل مرض أو خلل جسدى ونفسى..عندما تكسر ساقك تذهب للطبيب وتضع جبيرة. وعندما تصاب بارتفاع نسبة الكوليسترول تذهب للطبيب وتحصل على أدوية موصوفة، وعندما تصاب بمرض نفسى يمكنك أن تراجع طبيباً نفسياً و تحصل على توصيات تغير من نمط حياتك…هذا ما اعتدت سماعه بين أبناء جيلى، وما يجعلنى أنسب جزء كبير من شجاعتى لطلب المساعدة لوعى هذا الجيل بما سبق ذكره..

وللحديث بقية…

[ad_2]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى