رقائق تاريخية” للدكتور راغب السرجاني الرقيقة الخامسة (فاطمة بنت الحسين) والحرص على درء الخلاف بين أبنائها بعد موتها نساء أعلام🏳👩🏻

بقلم/ إسراء القاسم
(مواقف نسائية يقتدي بها الرجال والنساء)
(فاطمة بنت الحسين )
فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبى طالب القرشية الهاشمية المدنية، امرأة جليلة من آل البيت، هي ابنة الحسين بن علي رضي الله عنهما، وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وأخت سُكَيْنَة، روت عَنْ أبيها، وعَنْ عَائِشَةَ، وابن عَبَّاس، وعَنْ جدّتها فاطمة الزَّهراء مُرسِلًا، وَروى عَنْهَا بنوها حسن، وإِبْرَاهِيم، وعَبْد اللَّه، وأمّ جَعْفَر، أولاد الحَسَن بْن الحَسَن بْن عليّ، ورَوى عَنْهَا أيضًا ابنُها مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان الديباج، وأَبُو المقدام هشام بْن زياد، وشَيْبة بْن نَعَامة، وآخرون.
( زواج فاطمة بنت الحسين)
تزوَّجت فاطمة بنت الحسين في البداية ابن عمها الحسن (المثنَّى) بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وولدت له خمسة: عبد الله، وإبراهيم، والحسن (المثلَّث)، وأم كلثوم، وزينب.
ثمَّ مات عنها زوجها في عام 97 هجرية، فتزوَّجها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان (حفيد عثمان بن عفان)، وكان يُلَقَّب بالمطرِّف لحسن صورته، وكان غنيًّا جدًّا؛ ويقال إنه أصدقها ألف ألف درهم! وولدت له ثلاثة: مُحَمَّدًا (الديباج لجماله)، وَالْقَاسِمَ، وَرُقَيَّةَ. (ويقال إنها قبلت بالزواج لدين ٍكان زوجها ألف ألف، ولذا كان هذا الصداق، وقيل إن زوجها الثاني استشار عمر بن عبد العزيز في هذا الصداق المرتفع فنصحه بالقبول لأنها ابنة الحسين وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وكذا مات عنها عبد الله، فقيل تزوجت بعده أبو عتيق البكري، وولدت له أمينة، وقيل لم تتزوَّج إلا مرتين.
لفاطمة بنت الحسين موقف مشهور: عن عبيد الله بن الحسين بن عبيد الله أن فاطمة بنت الحسين أعطت ولدها من حسن بن حسن مورثها من حسن بن حسن، وأعطت ولدها من عبد الله بن عمرو ميراثها من عبد الله بن عمرو، فوجد ولدها من حسن بن حسن في أنفسهم من ذلك لأن ما ورثت من عبد الله بن عمرو أكثر فقالت لهم: يا بني إني كرهت أن يرى أحدكم شيئا من مال أبيه بيد أخيه فيجد في نفسه فلذلك فعلت ذلك.
من الممكن أن يتَّفق البعض مع ما فعلته فاطمة بنت الحسين أو يختلف، لكن الشاهد حرصها على إبعاد الضغينة عن الأخوة بعد موت الآباء، بل جمعتهم وحضَّتهم على التحلي بحسن الخلق، والبعد عن السفه:
« عن محمد بنُ عبد الله بن عَمرو بن عثمان بن عفَّان -وهو الدِّيباج- قال: جمعَتْنا أُمُّنا فاطمة بنتُ الحسين بن عليّ فقالت: يا بَنِيّ، واللهِ ما نال أحدٌ من أهل السَّفَه بسفهه شيئًا ولا أدركوا لذَّةً إلا وقد نالها أهلُ المروءات بمروءاتهم، فاستَتِرُوا بجميل ستر الله تعالى».
هذا الموقف أثَّر في عبد الله الابن الأكبر لفاطمة من زوجها الأول الحسن، فصار يحب ابنها الأول من زوجها الثاني حبًّا جمًّا. يقول عبد الله: “ما أبغضت بغض عبد الله بن عمرو أحدًا، وما أحببت حب ابنه محمد أخي أحدًا”.
( والنصيحة المستفادة )
ترك الأمور واضحة بيِّنة، وبذل الجهد في تقريب الأخوة من بعضهم البعض، وعدم الجور، وعدم مخالفة الشريعة. واستشارة العلماء وأهل الفتوى في العطاءات الخاصة، كإعطاء الصغير أو المريض المزمن شيئًا زائدًا عن إخوته، أو نحو ذلك، والحرص على استرضاء الجميع.
انتظروا الرقيقة السادسة
