أصل الحكاية.. من صلاح الدين إلى مبارك.. مراحل تطور العلم المصري عبر العصور
كتبت/ مي السايح
لا أحد مننا لا يعلم شكل العلم المصري، ولكن الكثير لا يعلم كيف جاء وإلى ماذا يرمز ألوانه ورموزه، في هذا المقال نستعرض لكم بداية ظهور العلم المصري، وبماذا ترمز ألوانه.
يُعتبر المصريون القدماء هم أول من استخدموا الأعلام والرايات كرمز وطني لها، حيث توجد في المعابد رسومات تبين استخدامهم للرايات والأعلام في الاحتفالات والحروب قديماً.
ولكن تطور شكل العلم المصري وألوانه مع اختلاف العصور والأنظمة الحاكمة، واعتمد العلم الوطني الحالي في 4 أكتوبر بموجب القانون رقم 144 لسنة 1984 ميلاديًا.
شهد العلم المصري تطورات عديدة، بداية من العصر العثمانى مرور بالفترة الملكية، حتى ثورة الضباط الأحرار، وانتقالا بتأسيس الجمهورية.
حرص الحكام على تغيير شكل ولون العلم بما يتناسب مع الفترة الزمنية التى تعبر عن العصر، وتتطور العلم المصرى على 11 مرحلة وبدأ تغييره منذ عهد محمد على باشا حيث كانت بداية اختيار علم كرمز لمصر عام 1805 وصدر فرمانا بتخصيص علم يرمز للملكة.
اصبح العلم باللون الأحمر وفى منتصفه ثلاثة أهلة وأمام كل هلال نجمة ترمز إلى قارة من القارات الثلاث “أوربا وأفريقيا وآسيا”، والتى حقق فيها جيش مصر بقيادة إبراهيم باشا نجل محمد على انتصارات حربية.
وفى خلال الفترة العثمانية، ظهر العلم فى أواسط القرن التاسع عشر والتى كانت مصر ولاية تابعة لها آنذاك، وكان عبارة عن علم أحمر به هلال أبيض تتوسطه نجمة سباعية بيضاء أيضا، وكان الفارق للعلم بين الدولة العثمانية وفترة محمد على فى عدد أطراف النجمة هو الوسيلة الوحيدة فى التمييز بين سفن الأسطول المصرى والتركى.
وبعد احتلال بريطانيا البلاد عام 1882، عاد العلم العثماني فى عهد محمد على ، ذات اللون الأحمر ويتوسطه هلال ونجمة ذات خمس أطراف، وظل علمًا رسميًا لها حتى عام 1914.
وفي عام 1914 أعلنت الحماية البريطانية على مصر وأنهى ارتباطها بالدولة العثمانية، وأعلن قيام السلطنة المصرية، استدعت هذه التغييرات السياسية اختيار علم خاص لمصر، فأعيد علم الخديوي إسماعيل مرة أخرى، كعلم رسمي لسلطنة مصر حتى عام 1923.
كان علم الخديوي إسماعيل هو الذي خرجت تحته الجماهير في ثورة 1919 المجيدة، والذي لف نعوش آلاف الشهداء الذين سقطوا في الثورة برصاص الإنجليز.
في ثورة 1919، إلى جانب العلم المصري الرسمي، ظهر العلم الذي حمل هلالًا يعانق صليبًا، والذي أصبح رمزًا لثورة 1919 التي كان شعارها “الدين لله والوطن للجميع”.
تخلصت مصر بعد ذلك، من الحماية البريطانية رسمياً وأصبحت مصر حرة مستقلة، وأعلن قيام المملكة المصرية، وبداية حكم الملك فؤاد الأول، أختير علماً جديداً مشابه للعلم الذى حُمل فى ثورة 1919 ، وعرف باسم العلم الأهلى وهو العلم الأخضر ذو الهلال الأبيض والنجوم الثلاثة داخله.
كان اللون الأخضر فى العلم يرمز إلى خضرة وادى النيل ودلتاه، ويرمز كذلك للإسلام الذى يدين به أغلبية المصريين، بينما النجوم الثلاثة تشير للأجزاء الثلاثة التى تتكون منها المملكة المصرية وهى مصر والنوبة والسودان، أو ديانات أهل مصر الثلاث، وهى الأسلام والمسيحية واليهودية.
بعد ذلك خاض الشعب المصرى كل معاركه ضد الإحتلال البريطانى، تحت هذا العلم، فهو العلم الذى رفعه أبناء الشعب فى مظاهراتهم، ورفعه الطلبة والعمال فى سنة 1946.
ولكن بعد قيام ثورة يوليو عام 1952، تغيرت العديد من الأشياء فى نظام الحكم وفى مصر فقد تغير النشيد الوطنى المصرى، ثم بعد ذلك تم رفع علم التحرير أو علم الضباط الأحرار لكونه رمزاً للثورة.
الذي استخدم لأول مرة في الاحتفال بمرور 6 أشهر على حركة الضباط الأحرار، كعلم لمجلس قيادة الثورة، وكان استخدامه غير رسمي بجانب العلم الأهلي الأخضر حتى بعد إعلان قيام جمهورية مصر وإلغاء الملكية عام 1953.
وهو علم ذو ثلاثة ألوان:
الأحمر : يرمز إلى دم الشهداء في سبيل التحرر عبر العصور.
الأبيض: يرمز إلى العهد الجديد أو السلام والتحرير والرخاء.
الأسود: يرمز إلى العهد البائد والإستعمار وأعداء الثورة.
يتوسط المستطيل الأبيض نسر صلاح الدين، وهو نفسه النسر المنقوش داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة والذي كان يتخذه شعاراً للدولة الأيوبية، وهو نسر عريض الشكل؛ أضيف له درع دائري أخضر يحوى هلالاً أبيض اللون وثلاثة نجوم يرمز للعلم الأهلي، وتم نقش النسر في قاعة مجلس الأمة الذي أصبح الآن مجلس الشعب وضربت العملات المعدنية وعليها نقش هذا النسر العريض.
ولكن بعد إعلان الوحدة الفيدرالية بين مصر وسوريا تم تغير اسم “جمهورية مصر” إلى الجمهورية العربية المتحدة وأصبح الإقليم الجنوبي يشير إلى مصر، والإقليم الشمالي، وأصبح علم مصر وقتها عبارة عن الثلاثة ألوان التي تشبه (علم التحرير)، ولكن يتوسطها نجمتين خماسيتين ذات لون أخضر، وتشير النجمتين الخماسيتين إلى مصر وسويا.
بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970 وتولى نائبه أنور السادات الحكم وأقام اتحاد الجمهوريات العربية مع ليبيا وسوريا، استبدلت النجمتان في العلم المصري بالصقر شعار هذا الاتحاد وضربت العملة فئة العشرين قرشا بنفس الشعار وأصبح هو شعار وختم الدولة في جميع الأوراق والمعاملات الرسمية حتى عام 1984.
وبعد تولى الرئيس الأسبق حسني مبارك الحكم بثلاث سنوات، عاد العلم المصري مرة أخرى إلى شعار النسر (النسر صلاح الدين) كما كان لأربع سنوات من قبل (1954 حتى 1958)، واعتمد العلم بشكله الحالى في 4 أكتوبر 1984.