بين الوهم والواقع.. كيف غيّرت السوشيال ميديا حياة المراهقين

تقرير/ أحمد عسله
السوشيال ميديا، التي بدأت كأداة بسيطة للتواصل، أصبحت اليوم عالمًا موازيًا يُعيد تشكيل وعينا، وعلاقاتنا، وحتى صورتنا أمام أنفسنا.
زمن كان فيه الحبر وسيلة التعبير، والبريد هو السبيل للتواصل، لم يكن أحد يتخيل أن تتحول حياتنا إلى سلسلة من “الإعجابات” و”التمرير للأعلى”.
نعيش الآن في واقع رقمي نُظهر فيه أفضل نسخنا، ونخفي هشاشتنا خلف الفلاتر والمنشورات، نضحك أمام الكاميرا ونبكي خلف الشاشة، مما أدى إلى انفصال واضح بين الحياة الرقمية والحقيقة اليومية، وخلق جيلًا يعيش داخل فقاعة من المثالية الزائفة.
تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 5 مليار مستخدم نشط على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يقضي المصريون نحو 4.5 ساعات يوميًا على هذه المنصات، ولكن خلف هذه الأرقام واقعٌ أكثر تعقيدًا.
ويعاني المراهقون من القلق الاجتماعي و”المقارنة السامة” ومستخدمو تطبيق “تيك توك” يتعرضون لكمٍّ هائل من المحتوى السريع، مما يُضعف التركيز ويزيد التشتت الذهني.
لم يعُد الصحفي أو المذيع هو المتحكم في السرد الإعلامي، بل أصبح أي شاب يمتلك هاتفًا ذكيًا قادرًا على التأثير في الرأي العام، بل ويتفوق أحيانًا على مؤسسات إعلامية كاملة، ولكن الانتشار لا يعني المصداقية، وعدد اللايكات لا يُعادل الحقيقة.
صوت بلا مسؤولية
أضاف الدكتور سامي نادر، أستاذ الإعلام الرقمي “وسائل التواصل منحت الجميع صوتًا، لكنها لم تُعطِ الجميع مسؤولية هذا الصوت، وهذه هي الكارثة الحقيقية.”
أشار سامي إلى الحل ليس في الانسحاب الكامل، بل في بناء وعي رقمي نقدي، وتعليم الأجيال كيف تفرّق بين الحقيقي والمصطنع، المؤثر والمضلِّل، والمطلوب منصات عربية تحترم ثقافتنا وهويتنا، تشريعات رقمية تحمي الخصوصية والبيانات، إعلام جاد يسعى للتنوير، لا فقط للتفاعل.
أكد أستاذ الإعلام الرقمي نحن لا نعيش في عالمين منفصلين، بل في عالم واحد متعدد الأبعاد، والتحدي الحقيقي الآن هو أن نكون “مستخدمين واعين”لا ضحايا للتفاعل.
الحكاية من الداخل
أشارت سارة عبد الله “22 عامًا” في تجربتها بقولها: “كنت كل يوم أقارن حياتي بحياة الناس اللي بشوفها على إنستجرام لحد ما قررت أعمل راحة رقمية أسبوعيًا وأرجع لنفسي”، هذا الاعتراف الصريح يكشف جوهر المشكلة السوشيال ميديا ليست الخطر في حد ذاتها، بل في غياب الوعي عند استخدامها.