“أميرة الحروف”.. نموذج للمرأة المصرية الملهمة في ساحة التعليم

بقلم/ منار أيمن سليم
تتألّق بعض الأسماء في عالم التعليم، كما تتألق النجوم في سماء حالكة، حيث تختلط الأحلام بالواجبات، وتتمازج المشاعر مع المسؤوليات، تبرز نماذج ملهمة ترسم طريقًا مضيئًا للآخرين. وفي مقدمة هذه النماذج، يسطع اسم معلمة استثنائية آثرت أن تكون مختلفة، فاستحقت عن جدارة لقب “أميرة الحروف”.. إنها أميرة محمد.
تخرجت أميرة، من كلية التربية قسم اللغة الإنجليزية، وتنتمي إلى مدينة المنصورة، تلك المدينة التي طالما أنجبت عقولًا نابغة وروحًا شغوفة بالتعليم، ورغم أن جذورها في الدلتا، إلا أن حياتها اليوم تدور في باسوس بمحافظة القليوبية، حيث تسكن وتُعلّم وتزرع حبّ اللغة الإنجليزية في قلوب الأطفال كل يوم.

تكسر النمط التقليدي
وضعت أميرة، منذ تخرجها، نُصب عينيها هدفًا واضحًا: أن تكون معلمة مختلفة، لا تكرر الأساليب الجافة، ولا تكتفي بالشرح التقليدي، بل تسعى لتوصيل المعنى بالحياة، وتغرس في تلاميذها حبّ الكلمة قبل معناها، وبدأت رحلتها في التعليم بخطى ثابتة، حتى وصلت إلى واحدة من المدارس الدولية المرموقة، حيث تعمل الآن معلمة للغة الإنجليزية.
لكن العمل في مدرسة انترناشونال لم يكن مجرّد وظيفة بالنسبة لها، بل كان مسؤولية ورسالة، فداخل فصولها، تتحول اللغة من قواعد جامدة إلى مشاعر حية، ومن كلمات مطبوعة إلى ألوان تنبض بالحياة.

تحصد الحب دون أن تطلبه
تدهش أميرة طلابها، حيث أنهم لم يمنحوها إسم “أميرة الحروف” عبثًا. فهذا اللقب لم يُكتب في أوراق رسمية، ولم يُمنح من جهة عمل، بل وُلد من محبة خالصة، فكل طالب يدخل فصلها يشعر بأنه في عالم خاص، حيث تُقدَّر الحروف وتُحترم الكلمات، ويُحتفى بالتعلم كما لو كان احتفالًا بالروح.
كما أنها تحرص على أن تجعل من كل درس فرصة للإبداع، فتستخدم المسرح، والأغاني، والقصص، وحتى الألعاب التفاعلية، لا تمرّ حصة من حصصها دون أن تترك أثرًا، فحتى الأطفال الذين كانوا يخشون اللغة الإنجليزية، أصبحوا يتطلعون لحصتها وكأنها فسحة من الخيال.
الحنين إلى المنصورة
رغم أن قلبها ما زال يحن إلى المنصورة، حيث الأهل والذكريات، فإن باسوس أصبحت موطنًا للحلم، فهي هناك لا تعيش فقط، بل تبني، وتعلم، وتؤسس جيلًا جديدًا يُجيد اللغة، ويحترمها، ويستخدمها وسيلة للانفتاح على العالم لا مجرد مادة دراسية.
وبدأت أميرة، على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤخرًا مشاركة مقاطع قصيرة من أنشطتها التعليمية، وهو ما جعلها تحظى بمتابعة كبيرة من أولياء الأمور والمعلمين الشباب الذين وجدوا في طريقتها مثالًا يُحتذى.
وأصبحت أميرة، مصدر إلهام لزملائها، الذين يرون فيها معلمة لا تكتفي بالأداء، بل تُبدع وتبتكر، وتُعيد تعريف معنى المعلمة النموذجية، وقد طُلب منها أكثر من مرة تقديم ورش تدريبية لزملاء جدد، لنقل خبرتها إليهم، وهو ما رحبت به بكل حب.
جيل يفرح بالحروف
تقول أميرة، في إحدى جلساتها التربوية: “أنا لا أُعلّم فقط اللغة الإنجليزية، بل أعلّم الأطفال كيف يحبونها، وكيف يثقون بأنفسهم وهم ينطقون حرفًا جديدًا. أريد أن أصنع جيلًا يفرح بالحروف، ويكتب بها مستقبله.”
بالإضافة إلى، أنها لا تسعى وراء الأضواء، ولا تنتظر التكريمات، لكنها بلا شك تستحق الكثير منها، فأميرة الحروف ليست مجرد اسم، بل قصة معلمة تعيش لتعلّم، وتعلّم لتحيا.
وفي النهاية.. تواصل الحكاية
تمضي أميرة الحروف، من المنصورة إلى باسوس، ومن الحلم إلى الواقع، في طريقها، تنثر الكلمات كأنها زهور، وتبني بالعطاء جسورًا بين القلوب والعقول، وفي كل يوم، تكتب فصلاً جديدًا من فصول التميز… بالحروف التي لا تنسى.