“محاكاة لتاريخ المصريين القدماء”.. قرية القراموص تحيي تراثنا بتفردها في زراعة نبات البردي بالشرقية
تقرير/ نوران عسكورة
يعد ورق البردي من معالم المصريين القدماء والتي اشتهرت به قرية القراموص التابعة لمحافظة الشرقية، فهي الأولى عالميًا في زراعة وصناعة وتصدير هذا الورق.
ينفرد أهالي قرية القراموص بزراعة ورق البردي الذي كان يستخدمه المصريين القدماء لغرض الكتابة، وذلك للحفاظ على حرفة يهددها تراجع أعداد السياح الأجانب في البلاد في السنوات الأخيرة.
بدأ استخدام ورق البردي لأول مرة في مصر منذ عهد الأسرة الأولى، حيث كان نبات البردي وفيرًا عبر دلتا النيل، وتم استعماله في جميع أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وذلك بصرف النظر عن مادة الكتابة، واستخدمه المصريون القدماء في بناء المصنوعات اليدوية الأخرى، مثل قوارب القصب، والحصير، والحبال، والصنادل، والسلال.
قام مدرس فنون في القرية في سبعينات القرن الماضي، بتعليم مزارعي القراموص التقنيات الزراعية والحرفية العائدة إلى آلاف السنين لتحويل النبتة إلى ورق بردي مع رسوم زخرفية ونصوص، بعدما شارفت على الزوال.
تشكل القرية الواقعة على بعد 80 كيلومترًا شمال شرقي القاهرة أكبر مركز لصنع ورق البردي في البلاد، ورغم أن المصريين القدماء استخدموا البردي بغرض الكتابة، تظل الرسومات الفرعونية التي ينتجها فنانو قرية القراموص على ورق البردي من الذكريات المفضلة للسياح والزائرين الأجانب في مصر.
يعتبر البردي نبات صيفي يزرع في بداية فصل الصيف، ويستمر في الأرض لمدة 5 سنوات وبعد السنة الأولى من الزراعة يتم الحصاد، ويتم تقطيعه مقاسات طول وعرض بعد جمعه من الحقل، ويتم دخوله المكابس للتلاصق حتى يصبح منتج خام يستخدم في الطباعة والرسم والتلوين.
لا تقتصر الرسومات البردية التي ينجزها الرسامون في القراموص على التاريخ الفرعوني، بل تشمل موضوعات أخرى مثل الخط العربي والمناظر الطبيعية، وتشبه أوراق نبات البردي شكل المروحة ويمكن أن يصل ارتفاعه إلى أربعة أمتار وينمو مع ساقه مغمورًا في الماء.
يحافظ المزارعون في القراموص على التقنيات القديمة من خلال تقطيع الساق إلى شرائح رفيعة ومحاذاتها بسلك، ووضع طبقات أخرى مشابهة فوقها، فيما تفصل بين كل طبقة وأخرى شريحة من القماش.
وتوضع هذه الطبقات تحت ضاغط لمدة ساعات لتتشكل ورقة، ويتم غمر الورق في الماء ثم يتم تركه ليجف في الشمس، ليصبح جاهزًا للكتابة أو الرسم.
تعد قرية القراموص هى القرية الوحيدة في العالم التى تنتج نبات البردي، بداية من الزراعة إلى الصناعة والرسم، والاختلاف في الصناعة ليس جوهريًا بل كان في الأدوات فقط المستخدمة في الصناعة.
كان تقطيع السيقان من قبل بدائي، والآن يتم التقطيع بماكينة تقطيع وأيضًا عملية الكبس كانت تتم بمكبس خشبي في الماضي، لكن الآن المكابس أصبحت حديدية وكل هذا يساعد في عملية الإنتاج من حيث السرعة والحجم.