سنين الحرمان الإجباري.. كلمات سبب في اعتزال شقيق عبدالحليم حافظ الغناء.. قصة إسماعيل شبانة التي لم تُروَ

تقرير- مي السايح
قد تظن أن كل ما كُتب عن عبد الحليم حافظ قد قيل، وكل من ساعده على أن يكون “العندليب الأسمر” قد ذُكر، لكن تبقى قصة واحدة، تُعد من أندر وأعظم قصص الإخوة والوفاء في الوسط الفني، لم تُروَ كما تستحق وهي قصة إسماعيل شبانة، الأخ الأكبر لعبد الحليم حافظ، والرجل الذي ضحّى بنفسه من أجل أن يصنع من أخيه أسطورة خالدة.
كان إسماعيل يمتلك صوتًا جميلاً، وربما أكثر قوة وتمكنًا من صوت عبد الحليم نفسه، كما وصفه كثير من الموسيقيين، لكن الساحة وقت ظهور العندليب كانت قد امتلأت بالفعل بنجمه، فاختار إسماعيل أن ينسحب في صمت، تاركًا الأضواء لأخيه الأصغر، ليس من باب التنازل، بل من باب المحبة.
“الآن يغني إسماعيل شبانة”… العنوان الذي أنهى مشواره
بعد وفاة عبد الحليم حافظ بأسابيع قليلة، نشرت إحدى الجرائد مقالًا بعنوان “الآن يغني إسماعيل شبانة”، وكأن الكاتب يلمّح إلى أن رحيل العندليب هو الفرصة الذهبية التي انتظرها إسماعيل طوال حياته، كي يظهر ويستعيد حقه الضائع.

لكن ما لم يعرفه صاحب المقال، أن إسماعيل لم يرَ يومًا في أخيه منافسًا، بل رأى فيه ابنًا وأخًا ورسالة، ولذلك ما إن قرأ المقال، حتى مزّقه غاضبًا، وحلف ألا يغني بعده أبدًا، ووفى بقسمه، واعتزل تمامًا، رغم كل المحاولات لإعادته إلى الساحة، حتى وافته المنية عام 1985، بعيدًا عن الأضواء، كما اختار دائمًا.
أخ وصيّ عليه منذ أول لحظة في الحياة

ولعل الجانب الأكثر إنسانية في هذه القصة، لا يتعلق بالغناء من الأساس، بل بالحياة ذاتها، فقد توفيت والدة عبد الحليم بعد أسبوع فقط من ولادته، وسمع الطفل إسماعيل، الذي لم يكن قد تجاوز عمر الطفولة، جارات يتحدثن بأفكار مريبة عن مصير الرضيع.
أدرك إسماعيل خطورة الموقف، فركض إلى والده ليُخبره بما سمع. تصرفه السريع أنقذ حياة عبد الحليم، بعدما تدخل الأب فورًا، وتعهد برعايته بنفسه، مدعومًا بشجاعة ابنه إسماعيل.
لكن إسماعيل لم يكتفِ بذلك، انطلق طفلًا صغيرًا يحمل أخاه الرضيع، يطرق أبواب بيوت قرية الحلوات بيتًا بيتًا، بحثًا عن امرأة ترضع عبد الحليم. وبالفعل، تمكن من إرضاعه من أكثر من 200 امرأة، حتى نجا من الجوع والموت، بفضل أخٍ كان له أمًا وأبًا وحارسًا مدى الحياة.
قصة وفاء نادرة في زمن الندرة
لم يكن إسماعيل مجرد أخ لفنان شهير، بل كان أول من اكتشفه، وربما الوحيد الذي آمن به لدرجة أنه قرر أن يتوارى خلفه إلى الأبد، قصة إسماعيل شبانة ليست فقط عن صوت ضاع في الزحام، بل عن قلب آثر الحب على الشهرة، والتضحية على الظهور، والوفاء على المجد.
من هو إسماعيل شبانة
التحق إسماعيل شبانة بالإذاعة المصرية عام 1944 وقدم عددا من الأغاني منها “يا سلام لو كنت تعرف قد إيه بفرح بقربك”، وفي السينما قام بالأداء الغنائي في فيلم “ظلموني الناس” عام 1950، وتوفي إسماعيل شبانة في 28 فبراير 1985.