آخر الأخبارثقافة و فنونمنوعات

كان مولعًا بالحضارة المصرية.. من هو البارون وكيف تحول قصره من مكان للأشباح والرعب إلى مزار سياحي

this is aad

يعتبر قصر البارون تحفة معمارية لا تغيب الشمس عن حجراته، وهو من أهم القصور الأثرية في مصر، ويجمع بين الموديلات المعمارية والفنية الأوروبية والآسيوية، ويكتسب القصر شهرته الواسعة من قصة البارون الشخصية.

يقع مدخل قصر البارون الرئيسي على الطريق المؤدي إلى مطار القاهرة الدولي “شارع العروبة” في حي مصر الجديدة، ويحيط به 4 شوارع من اتجاهاته الأربعة هي: العروبة وابن بطوطة وابن جبير وحسن صادق. 

ينسب القصر إلى مالكه “إدوارد لويس جوزيف”، البارون إمبان، كان مهندسًا بلجيكيًا ورجل أعمال، وممولًا وصناعيًا، بالإضافة إلى أنه أحد الهواة المولعين بالآثار المصرية، وُلِد إمبان في بلويل ببلجيكا في الـ20 من سبتمبر من العام 1852.

لم تبدأ علاقة البارون إمبان مع مصر ببناء قصره، بل كان بناءه انعكاسًا للإعجاب والتعلق الشديدين بمصر وتاريخها وحضارتها، وبمثابة إعلان البارون عن انتمائه إلى تلك الحضارة، وهو المولع بالحضارات الشرقية عامةً.

وصل البارون إدوارد إمبان إلى مصر قادمًا من الهند، في يناير من العام 1904، بهدف إنقاذ أحد مشاريع شركته، وهو إنشاء خط سكة حديد يربط المنصورة “على نهر النيل” بالمطرية “على الجانب البعيد من بحيرة المنزلة من بورسعيد”.

يعد التصميم للمهندس المعماري الفرنسي “الكسندر مارسيل”، وكان يعرضه في معرض باريس العالمي في العام 1900، حيث رآه البارون إمبان واشتراه من مارسيل وعاد به إلى القاهرة، ليسلم التصميم إلى عدد من المهندسين الإيطاليين والبلجيكيين.

تم الشروع ببناء قصر البارون في العام 1907 على الربوة العالية التي حددها لهم البارون في صحراء القاهرة، أما زخرفة القصر وديكوراته فكانت للرسام جورج لويس كلود، وانتهى البناء بعد 5 سنوات، وخرجت تحفة البارون المعمارية من وسط الصحراء، وتم افتتاحه في العام 1911 بحضور السلطان حسين كامل. 

أقام البارون إمبان في القصر منذ افتتاحه في العام ،1911 إلى أن توفي فانتقلت ملكية القصر إلى ابنه “جان” حتى وفاته في العام 1946، والذي  دفن بجوار والده البارون في كنيسة البازيليك.

ثم انتقلت ملكية القصر إلى أحفاد البارون إمبان بعد وفاة والدهم “جان”، ومنذ انتقال الملكية تعرض القصر للإهمال لسنوات طويلة، ثم تم بيعه في العام 1954 بمحتوياته لـ3 أشخاص، عبر مزاد علني بمبلغ قدره 160 ألف جنيه مصري. 

تم تصنيف القصر رسميًا كمعلم أثري في عام 1993، وفي العام 2005  اشترته وزارة الإسكان المصرية من مالكيه، مقابل منحهم قطعة أرض بديلة بالقاهرة الجديدة بقيمة تساوي الثمن المقدر للقصر وقتها وهو 125 مليون جنيه مصري، “21.5 مليون دولار أميركي”.

استخدم في بناء القصر المرمر والرخام الإيطالي، والزجاج البلجيكي البلوري، الذي يتيح الفرصة لمن بداخل القصر أن يرى الخارج، كما يضم القصر قوالب زخرفية مستوحاة من الأساطير الهندوسية والبوذية.

يوجد تمثال من الخرسانة المسلحة المصبوب لمخلوق اسطوري يُدعى “يالي” عند المدخل، الذي غالباً ما يتم نحته في أعمدة المعابد الهندوسية للحماية من الشر، وينتشر العاج داخل القصر وخارجه، وترتفع النوافذ المصنوعة على الطراز العربي، وتنخفض مع تماثيل هندية، وعلى شرفات أبوابه زخارف إغريقية دقيقة الصنع.

يضم القصر مجموعة من التماثيل والتحف النادرة المصنوعة بدقة من معادن نفيسة، منها ما جلبه البارون من الهند مثل تماثيل “بوذا والتنين الأسطوري”، ومنها أوروبي الطراز المصنوع من الرخام الأبيض ذو ملامح يونانية ورومانية.

بالإضافة إلى تماثيل لراقصات يؤدين حركات تشبه حركات راقصات الباليه، أما أكثر مقتنيات القصر تفردًا، فهي ساعة مثبتة في أعلى المدفأة في القاعة اليسرى بالبهو الرئيسي بالطابق الأرضي، وهي على شكل دائري موضوعة في إطار مقسوم إلى نصفين، النصف الأبيض يرمز إلى ساعات النهار، بينما يرمز النصف الأسود إلى ساعات الليل.

أما سجاد القصر فكان مصنوعًا في تركيا، بينما تعتبر بعض تماثيل القصر أصلية تمامًا، والبعض الآخر نسخ لتماثيل موجودة حتى الان في “متحف اللوفر”.

تم استخدام القصر للتصوير السينمائي إلى جانب التصوير الفوتوغرافي، وظهر القصر في العديد من الأفلام السينمائية المصرية والكليبات، خاصة أفلام الأكشن كان منها: “فيلم حبي الوحيد”، عام 1960، بطولة كمال الشناوي وعمر الشريف ونادية لطفي وشويكار.

بالإضافة إلى “فيلم الهارب”، عام 1974، بطولة شادية ومريم فخر الدين وكمال الشناوي وحسين فهمي، “فيلم آسف على الإزعاج”، عام 2008، بطولة أحمد حلمي ومنة شلبي.

فضلًا عن “فيلم قصر البارون” والتي تم الإعلان عنه عام 2013 ولم يعرض، بطولة سعيد صالح وراندا البحيري، “فيلم حياتي مبهدلة”، عام 2015، بطولة محمد سعد ونيكول سابا، “كليب أول مرة”، عام 2015، غناء محمد حماقي ودنيا سمير غانم.

كما صور فيه الفنان محمد الحلو إحدى كليباته، “فيلم منطقة محظورة”، عام 2016، بطولة محمد فكري وياسمين عمر وعادل عبد الرازق. 

أما الشركات الأجنبية فأكثر المشاهد التي أرادت تصويرها داخل القصر، مشاهد تتعلق بالرعب، لأفلام تشبه دراكولا ومصاصي الدماء.

بدأت شركة المقاولون العرب المكلفة من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية بالتعاون مع وزارة الآثار، في أعمال ترميم القصر عام 2017، بعد أن تسلمت كافة المستندات الخاصة بالمشروع من المكتب الاستشاري المكلف من وزارة الآثار بعمل الدراسات الخاصة بترميم وتطوير القصر. 

قدرت تكلفة المشروع بـ113.738 مليون جنيهًا مصريًا بتمويل حكومي، وساهمت بلجيكا بمنحة بلغت “16 مليون جنيه مصري”.

انتهت أعمال الترميم وتم افتتاح القصر رسميًا في 29 يونيو من العام 2020 بحضور رئيس الجمهورية المصرية عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير السياحة والآثار خالد العناني، وأصبح قصر البارون معلمًا أثريًا سياحيًا.

جدير بالذكر أن القصر تم إهماله لسنوات عديدة بعد وفاة مالكه وبانيه “البارون إدوارد إمبان”، وتحول هذا القصر المهجور والمتواجد في منطقة صحراوية إلى أحد القصور الآتية من الحكايات والأساطير.

وظن الكثيرون أن القصر يسكنه الأشباح والأرواح والجن، فأصبح معروفًا بـ”قصر الرعب”، وظل مهجورًا ومسرحًا لأغرب القصص ومخيفًا للكثيرين، إلى أن قررت الحكومة المصرية ترميمه وتحويله إلى معلم أثري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى