آخر الأخبارآراء و كتاب

رقائق تاريخية” للدكتور راغب السرجاني
                الرقيقة العاشرة
( سُكَيْنَة بنت الحسين)
نساء أعلام🏳👩🏻

بقلم/ إسراء القاسم

this is aad

(مواقف نسائية يقتدي بها الرجال والنساء)
(سُكَيْنَة بنت الحسين والبعد عن فحش القول)
سُكَيْنَة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب سيدة جليلة من آل البيت النبوي، وهي الأخت الصغرى لفاطمة بنت الحسين، اسمها آمنة، وسكينة لقب عُرِفت به، وقد توفيت بالمدينة عام 117هـ.
كانت سُكَيْنَة بنت الحسين أديبة شاعرة بليغة، ولذا كانت تجالس الأشراف من قريش، ويجتمع إليها الشعراء والأدباء في بيتها، وكانت سخيَّة تعطيهم على الأعمال المجيدة، وكانت قوية الحجة تفحم مَنْ تجادله في مسألة من مسائل الشعر والفصاحة، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: أَتَيْتُ مَنْزِلَ سُكَيْنَةَ، فَإِذَا بِبَابِهَا جَرِيرُ، وَالْفَرَزْدَقُ، وَجَمِيلٌ، وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ، وهؤلاء هم أعظم شعراء الدولة الأموية.

#site_title #separator_sa #post_seo_description

من أروع صفات سُكَيْنَة بنت الحسين أنها كانت تنهى عن الفحش من القول، والفحش أمر مشتهر عند كثير من الشعراء، والبعض لا يريد أن يضع قيودًا على الشاعر حتى يتمكَّن من الإبداع، لكن ضوابط الشرع مهمة وملزمة.
(الحذر من فحش القول)
 
قال تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 224 – 226].
قال ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي كُلِّ لَغْوٍ يَخُوضُونَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: قَدْ -وَاللَّهِ -رَأَيْنَا أَوْدِيَتَهُمُ الَّتِي يَهِيمُونَ فِيهَا، مَرَّةً فِي شَتْمَةِ فُلَانٍ، وَمَرَّةً فِي مِدْحَةِ فُلَانٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: الشَّاعِرُ يَمْدَحُ قَوْمًا بِبَاطِلٍ، وَيَذُمُّ قَوْمًا بِبَاطِلٍ.
(كان الفرزدق يفعل ذلك كثيرًا، وكذا المتنبي وغيره)
لذا روى البخاري عَنِ ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا».
والمقصود بالامتلاء الانشغال التام به، والاتيان بالمنكرات فيه، وإلا فالشعر الجيد المقبول ممدوح، ولهذا استثنى الله تعالى، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [الشعراء: 227]، وشعراء الرسول صلى الله عليه وسلم، معروفون وممدوحون؛ كحسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، وغيرهم.
لسُكَيْنَة بنت الحسين موقف مشهور مع الشاعر الفرزدق، فقد قال الفرزدق شعرًا ماجنًا وصف به علاقة آثمة مع جارية فأرسلت إليه سكينة خادمتها تقول له: ما أحسنت، هتكت ستركما، وقد ستر الله عليكما؛ وفي رواية قالت للفرزدق: سوأة لك، أما استحييت من الفحش تظهره في شعرك؟ ألا سترت عليك؟ أفسدت شعرك.
قَالَهَا وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فأنكرت ذَلِك قُرَيْش وأزعجه مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ وَال على الْمَدِينَة فَأَجله ثَلَاثًا ثمَّ أخرجه عَنْهَا.
روى الترمذي وهو صحيح عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كَانَ الفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ، وَمَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ».
ورى الترمذي أيضًا وهو صحيح عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ».
(النهي عن فحش القول وعدم مجالسة الفاحشين)
الترمذي وهو صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ» وفي البخاري عن عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، أَوِ ابْنُ العَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ أَلاَنَ لَهُ الكَلاَمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الكَلاَمَ؟ قَالَ: «أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ، أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ، اتِّقَاءَ فُحْشِهِ»

#site_title #separator_sa #post_seo_description

النهي عن فحش القول وعدم مجالسة الفاحشين: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].
نأخذ الكلام محمل الجدِّ، ولا نتعلل بأنه لون من الأدب، أو الشعر، أو الغناء، أو المزاح، أو غير ذلك من المبرِّرات.
استعمل عمرُ بن الخطاب النُّعْمَانَ بْنَ عَدِيٍّ، عَلَى مَيْسَانَ، مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرٍ، يخاطب بها زوجته، ويمدح فيها جلسة كانا يشربان فيها الخمر قائلًا في آخرها:
لَعَلَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَسُوءُهُ … تَنَادُمُنَا فِي الجَوْسَقِ الْمُتَهَدِّمِ (الجوسق البناء الكبير كالحصن)
فَلَمَّا بَلَغَتْ أَبْيَاتُهُ عُمَرَ، قَالَ: نَعَمْ وَاَللَّهِ، إِن ذَلِك ليسوؤني، فَمَنْ لَقِيَهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ عَزَلْتُهُ، وَعَزَلَهُ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ اعْتَذَرَ إلَيْهِ وَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا صَنَعْتُ شَيْئًا مِمَّا بَلَغَكَ أَنِّي قُلْتُهُ قَطُّ، وَلَكِنِّي كُنْتُ امْرَأً شَاعِرًا، وَجَدْتُ فَضْلًا مِنْ قَوْلٍ، فَقُلْتُ فِيمَا تَقُولُ الشُّعَرَاءُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَاَيْمُ اللَّهِ، لَا تَعْمَلُ لِي عَلَى عَمَلٍ مَا بَقِيتُ، وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ.
رحم اللهُ سكينة بنت الحسين التي حرصت على هذا النقاء في القول والشعر فكان منها هذا الموقف!.
انتظروا الرقيقة الحادية عشر

#site_title #separator_sa #post_seo_description

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى