آخر الأخبارآراء و كتاب

رقائق تاريخية” للدكتور راغب السرجاني
                الرقيقة السابعة
(عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان)
نساء أعلام🏳👩🏻

بقلم/ إسراء القاسم
(مواقف نسائية يقتدي بها الرجال والنساء)
(عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وكفالة الرحم الفقير)
عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أم البنين الأموية وأمها أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وهي زوج عبد الملك ابن مروان، وأم يزيد بن عبد الملك، وكانت من المحدِّثات؛ قال أبو زرعة: “فيمن حدث بالشام من النساء عاتكة بنت يزيد بن معاوية روى عنها مهاجر الأنصاري”، وعدَّها العلماء من الطبقة الثالثة.
وكان عبد الملك يحبها حبًّا شديدًا ويقربها ويستشيرها؛ وكانت ذات رأي وحكمة، وكانت مشفَّعةً عنده ولو في أشد خصومه، ولم يكن يطيق فراقها أو يحتمل حزنها.

this is aad

كانت عاتكة رحمها الله عاقلة تشبَّه في إدارتها وحزمها بجدها معاوية، وكانت من كرام النساء وأجودهنَّ، شديدة البر والصلة لأهلها آل أبي سفيان، حتى إنَّها آثرتهم على أبنيها، وخصَّصت كلَّ أموالها من ميراث آبائها معاوية ويزيد إلى فقرائهم!


«لما بلغ يزيد ومروان ابنا عبد الملك من عاتكة بنت يزيد بن معاوية قال لها عبد الملك: قد صار ابناك رجلين، فلو جعلت لهما من مالك ما يكون لهما فضيلة على إخوتهما، قالت: اجمع لي أهل معدلة من مواليّ ومواليك، فجمعهم وبعث معهم روح بن زنباع الجذامي، وكان يدخل على نسائهم، مدخل كهولتهم وجلّتهم، وقال له: أخبرها برضاي عنها، وحسِّن لها ما صنعت، فلما دخلوا عليها اجتهد روح في ذلك، فقالت: يا روح، أتراني أخشى على ابنيَّ العيلة وهما ابنا أمير المؤمنين؟ أشهدكم أني قد تصدقت بمالي وضياعي على فقراء آل أبي سفيان!
فقام روح ومن معه، فلما نظر إليه عبد الملك مقبلًا قال: أشهد بالله لقد أقبلتَ بغير الوجه الذي أدبرتَ به، قال أجل، تركتُ معاويةَ في الإيوان آنفا (وفي رواية قال: وجهتني إلى معاوية جالس في أثوابه، أي يشبِّهها بجدِّها معاوية في حزمه وعقله)، وخبَّره بما كان، فغضب، فقال روح: مه يا أمير المؤمنين، هذا العقل منها في ابنيك خير لهما ممّا أردت، قال فكَفَّ عنها».
(صلة الرحم بشكل عام من أعظم الأعمال)
قال تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الروم: 38].
وقال سبحانه وتعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22].
شرح وتعليق رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية:
روى البخاري عَنْ أَبِي هريرة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ”. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]”.
(أنت المستفيد الأول من صلة الرحم)
أنت المستفيد الأول من صلة الرحم، ولو كانوا قاطعين لك: (يعني تبحث عنها، ولو حرصوا هم على إبعادها عنك) والاستفادة المقصودة هنا تكون دنيويًا وأخرويًا.
دنيويًّا: روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».
وأخرويًّا: روى مسلم عن أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ -أَوْ بِزِمَامِهَا ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ -أَوْ يَا مُحَمَّدُ- أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَكَفَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: «لَقَدْ وُفِّقَ، أَوْ لَقَدْ هُدِيَ»، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: فَأَعَادَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، دَعِ النَّاقَةَ».
الصلة تكون بالسلام، والكلام، والاطمئنان على الحال، والزيارة، والاستضافة، وتكون في حقِّ الفقراء بالعطاء والكفالة:
الجهد في اتِّجاه الإنفاق على الرحم مضاعف:
روى الترمذي والنسائي عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ».
الاختبار متوقَّع:
روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا».
رحم الله عاتكة بنت يزيد بن معاوية التي ذكَّرتنا بهذه المعاني
ونسأل الله أن يجعلنا من الواصلين للأرحام.
انتظروا الرقيقة الثامنة

#site_title #separator_sa #post_seo_description
#site_title #separator_sa #post_seo_description

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى